مدة علاج الإدمان من المخدرات دون معاناة أو انتكاسة

مدة علاج الإدمان من المخدرات تُعد من أهم المراحل التي تحدد نجاح التعافي واستمراريته، حيث لا تعتمد فقط على التوقف عن التعاطي، بل تشمل رحلة متكاملة من التأهيل النفسي والسلوكي والجسدي، تهدف إلى مساعدة الشخص في استعادة السيطرة على حياته.
تبدأ العملية بالتشخيص الدقيق للحالة، ثم وضع خطة علاجية تتناسب مع احتياجات كل فرد، وتتنوع هذه الخطة بين العلاج الدوائي، الجلسات النفسية، والدعم الاجتماعي والأسري، مما يساعد المريض على فهم أبعاد الإدمان وأسبابه وكيفية التعامل مع المواقف التي قد تدفعه للانتكاسة.
مدة علاج الإدمان من المخدرات دون معاناة أو انتكاسة
مدة علاج الإدمان من المخدرات لا ترتبط بتقويم زمني معين بقدر ما ترتبط بمدى التقدم الذي يحرزه المريض في رحلته نحو التعافي، ومدى التزامه بالبرنامج العلاجي، ودعمه من المحيطين به. من المهم أن يدرك المدمن وأسرته أن الإدمان مرض مزمن يتطلب الصبر والمثابرة، وأن مدة علاج الإدمان من المخدرات تختلف من شخص لآخر حسب طبيعة الحالة وظروفها.
يُعد الاستمرار في جلسات المتابعة والدعم النفسي بعد انتهاء البرنامج العلاجي جزءاً لا يتجزأ من الحفاظ على التعافي والوقاية من الانتكاسة، ما يؤكد أن مدة علاج الإدمان من المخدرات قد تمتد بحسب حاجة الفرد إلى الدعم والاستقرار النفسي والسلوكي.
بينما تمتد العديد من برامج علاج الإدمان لمدة 30 أو 60 أو 90 يومًا، فإن مدة علاج الإدمان من المخدرات تعتمد في المقام الأول على احتياجات كل فرد وعلى شدة حالته.
ما هو علاج الإدمان؟
علاج الإدمان هو عملية مخصصة لأولئك الذين يعانون من تعاطي المخدرات و/أو الكحول. ويشمل هذا العلاج عادة مزيجًا من الجلسات الفردية والجماعية، والعلاج السلوكي، والتثقيف النفسي، وفي بعض الحالات الأدوية.
ووفقًا لإدارة خدمات إساءة استخدام المواد والصحة النفسية، كان أكثر من 48 مليون شخص بحاجة إلى علاج من تعاطي المواد المخدرة في عام 2023.
إعادة التأهيل من المخدرات أو الكحول تمنح الأشخاص الذين يعانون من الإدمان فرصة حقيقية للتعافي والسيطرة على اضطرابهم بشكل مستدام وطويل الأمد.
ما هي مدة علاج الإدمان من المخدرات والكحول؟
تمر عملية التعافي عادة بمرحلة التطهير الجسدي الآمن (الديتوكس الطبي)، والتي تهدف إلى مساعدة المرضى على تجاوز أعراض الانسحاب. ويمكن أن تستمر هذه المرحلة من عدة أيام إلى أسابيع، بمتوسط يقارب 7 أيام أو أكثر. ولكن تجدر الإشارة إلى أن الديتوكس وحده لا يكون كافيًا لتحقيق التعافي المستدام، بل يُعتبر الخطوة الأولى ضمن خطة علاجية متكاملة قد تشمل العلاج الداخلي (الإقامة في مركز علاجي) أو العلاج الخارجي (زيارات منتظمة دون إقامة).
تتنوع برامج العلاج من حيث المدة حسب حالة كل فرد، ومن أكثر الفترات شيوعًا لعلاج تعاطي المواد المخدرة:
- برامج علاج قصيرة الأمد
- برامج لمدة 7 أيام
- برامج لمدة 30 يومًا
- برامج لمدة 60 يومًا
- برامج لمدة 90 يومًا
- برامج تمتد لـ 6 أشهر، سنة، أو حتى سنتين
- برامج الإقامة الممتدة مثل بيوت التعافي (Sober Living Homes)، وهي بيئات سكنية داعمة تساعد المتعافين على الانتقال التدريجي من العلاج المكثف إلى الحياة اليومية المستقرة، مع الحفاظ على الانضباط والرعاية اللازمة لتجنب الانتكاس.
توفر البرامج العلاجية المنتشرة في جميع أنحاء البلاد خيارات متعددة تعكس تنوع حالات اضطرابات تعاطي المواد. عند بدء رحلتك العلاجية، من المهم أن تبدأ بتوقعات واقعية. فالإدمان يُحدث تغييرات جذرية في كيمياء الدماغ، وكلما طالت مدة التعاطي، زادت هذه التغيرات، لذا قد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً لعكس هذه التأثيرات والوصول إلى التعافي التام.
التعافي رحلة تمتد مدى الحياة، وفهم أن العلاج يشبه “ماراثون” وليس “سباق سرعة” سيساعدك على رؤية الأمور بشكل أوضح. وكلما كنت أكثر صبرًا وقبولًا للمراحل المختلفة، زادت فاعلية العلاج.
لكل نوع من البرامج العلاجية فوائده، ومن المهم أن تأخذها جميعًا بعين الاعتبار.
ما العوامل التي تؤثر على مدة علاج الإدمان من المخدرات والكحول؟
هناك عدة متغيرات قد تؤثر على مدة الإقامة في مركز العلاج، وتشمل:
- التكلفة وتغطية التأمين: في بعض الحالات، تكون مدة العلاج محدودة بناءً على ما يغطيه التأمين الصحي الخاص بك، سواء بشكل كامل أو جزئي.
- مستوى الرعاية المطلوبة: تختلف المدة حسب ما إذا كنت بحاجة إلى إزالة السموم (ديتوكس)، أو علاج داخلي بإقامة كاملة، أو برنامج خارجي أكثر مرونة.
فوائد البرامج العلاجية طويلة الأمد
من أبرز مزايا برامج العلاج الطويلة:
- تمنحك وقتًا كافيًا للتأقلم مع رحلة العلاج.
- تتيح لك المشاركة في برامج تساعدك على وضع أهداف طويلة المدى بعد تجاوز أعراض الانسحاب.
- توفر لك بيئة علاجية داعمة وتحت إشراف طبي بعيدًا عن المحفزات التي قد تواجهها في منزلك أو بيئتك اليومية.
- تُمكنك من فهم أعمق لإدمانك ومحفزاتك النفسية من خلال العلاج النفسي الموجه.
كل هذه العوامل تزيد من فرص تحقيق تعافٍ مستدام بعد الانتهاء من البرنامج.
برنامج الـ 30 يومًا
كما يوحي الاسم، تستمر برامج علاج الإدمان لمدة 30 يومًا حوالي شهر واحد. وعلى الرغم من أن عدد الأيام قد يختلف من شخص لآخر، فإن هذه البرامج تستمر عادةً من 3 إلى 6 أسابيع، سواء داخل مراكز علاجية أو من خلال العلاج الخارجي.
عادةً ما تشمل برامج الـ30 يومًا مزيجًا من:
- العلاج السلوكي.
- الجلسات الفردية والجماعية.
- التثقيف النفسي.
- الأدوية (إن لزم الأمر).
- حضور اجتماعات الدعم مثل برامج 12 خطوة.
- تمارين اليقظة الذهنية (mindfulness).
يُعد برنامج الـ 30 يومًا نقطة انطلاق ممتازة وغالبًا ما يكون الهدف الأولي لدى الكثير من الأشخاص. ففي البداية، قد لا يكون واضحًا كم من الوقت يحتاج الشخص للبقاء في العلاج. لذا، يُعتبر هذا البرنامج فرصة لاكتشاف ما إذا كان العلاج الأطول أنسب دون الشعور بالالتزام الفوري.
تُتيح هذه البرامج الوقت لتخطي أعراض الانسحاب الجسدي، وتساعد في بدء تأسيس تقنيات الوقاية من الانتكاسة. كما أنها تمنحك فرصة لتحديد خطة علاج واضحة واستراتيجية ما بعد التعافي. من السهل الالتزام ببرنامج مدته 30 يومًا لأنه الأقصر، وغالبًا ما يكون أقل تكلفة.
برنامج الـ 60 يومًا
يمتد هذا البرنامج لمدة شهرين، وقد يكون داخل مراكز سكنية (إقامة كاملة) أو من خلال برامج علاج خارجي. ويشمل نفس مكونات برنامج الثلاثين يومًا من:
- علاج دوائي عند الحاجة.
- جلسات علاج فردي.
- علاج عائلي.
- جلسات جماعية.
- برامج المساعدة الذاتية مثل برنامج 12 خطوة.
- الإقامة الأطول توفر فرصة أوسع لبناء نظام دعم قوي وأدوات فعالة لمنع الانتكاس.
برنامج الـ 60 يومًا هو إطار زمني شائع آخر في علاج الإدمان، ويتميز بمدة إضافية من الدعم والاستقرار. يتيح لك هذا البرنامج فرصة التعمق أكثر في الجوانب العاطفية والنفسية التي قد تكون السبب وراء الإدمان.
كذلك يُساعدك على بناء نظام دعم متماسك، وتطوير أدوات فعالة للوقاية من الانتكاسة، وتحقيق توازن نفسي وسلوكي أفضل، بالإضافة إلى تعديل الأدوية لتكون في أفضل مستوياتها العلاجية.
كما تمنحك مدة الـ 60 يومًا الوقت الكافي للتخلص الكامل من المواد المخدرة في الجسم، وتبدأ في ممارسة عادات صحية تساعد على الحفاظ على التعافي. وقد لا يغطي التأمين دائمًا التكلفة الكاملة، إلا أن العديد من المراكز توفر خطط تقسيط مرنة.
برنامج الـ 90 يومًا
غالبًا ما تمتد هذه البرامج لثلاثة أشهر تقريبًا، رغم أن اسمها يشير إلى 90 يومًا بشكل دقيق. وتُعتبر من أكثر البرامج فعالية بسبب تنوع مستويات الرعاية فيها.
تشمل المكونات الأساسية:
- تدخلات سلوكية معتمدة علميًا.
- جلسات فردية وجماعية.
- تثقيف نفسي وتوجيه شخصي.
رغم أن برنامج الـ 90 يومًا قد يبدو مُخيفًا في البداية، إلا أن الدراسات أظهرت أنه يُحقق أعلى معدلات النجاح مقارنة بالبرامج الأقصر.
تُعتبر هذه البرامج من الأكثر تأثيرًا لأنها توفر وقتًا كافيًا للتأقلم الكامل مع الحياة بدون مخدرات أو كحول، وتُمكّنك من تعزيز مهاراتك في الحفاظ على التعافي، وتحديد المحفزات المحتملة التي قد تؤدي إلى الانتكاسة. وعلى الرغم من أن الكثيرين لا يختارونه في المحاولة الأولى، فإن كثيرًا من المتعافين الذين تعرضوا لانتكاسات لاحقًا يعبرون عن رغبتهم في لو أنهم اختاروه منذ البداية.
تُصمم هذه البرامج وفق احتياجات كل مريض لمساعدته على الإقلاع عن الإدمان، وتقليل احتمالية الانتكاس، وبناء نمط حياة صحي ومستقر.
هل يمكنني اختيار العلاج الخارجي بدلاً من الداخلي؟
نعم، يُتيح لك العلاج الخارجي البقاء في منزلك أو في مكان آمن وداعم مثل بيوت التعافي، مع الاستمرار في حضور الجلسات في المركز العلاجي، إلى جانب الالتزامات العائلية أو الدراسية أو الوظيفية.
تتنوع مستويات العلاج الخارجي من حيث الشدة، لكنها عادة ما تشمل:
- جلسات علاج جماعي وفردي.
- علاج أسري.
- جلسات تعليمية وتثقيفية.
- علاج وظيفي أو ترفيهي.
- علاج نفسي.
- أدوية لعلاج الإدمان إن استدعى الأمر.
مزايا العلاج الخارجي:
- مرونة في الجدول الزمني.
- تكلفة أقل مقارنة بالعلاج الداخلي.
- إمكانية تطبيق استراتيجيات التأقلم في الحياة الواقعية مباشرة.
اختيار العلاج المناسب يعتمد على حالتك الشخصية، ومدى التزامك، والدعم المتوفر لك أثناء رحلة التعافي.
الحصول على المساعدة في علاج الإدمان
كل شخص فريد في تجاربه، لذلك تختلف إجابة سؤال “كم تستغرق مدة العلاج؟” من شخص لآخر. أثناء العلاج، من الأفضل التركيز على هدف التعافي بدلًا من التفكير في “متى سينتهي العلاج”. وإذا كنت بحاجة للمساعدة في العثور على البرنامج المناسب، فلا تتردد في التواصل مع مركز علاجي متخصص.